هدوء القمر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هدوء القمر

مــحـــمــد احــمـــد عـــطـــيـــة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
the rider




المساهمات : 106
تاريخ التسجيل : 04/03/2010
الموقع : MM_ANGEL2010@YAHOO.COM

الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Empty
مُساهمةموضوع: الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز   الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز Icon_minitime1الأحد أبريل 04, 2010 12:21 am

الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبــعــد /






الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز




لآسيا الوسطى وبلاد القوقاز مكانة كبيرة في التاريخ الإسلامي؛ فهي مهد علمٍ وموطن علماء، وما زال يشهد لتلك المكانة أسماء المدن التاريخيَّة العظيمة التي غدت منارات إشعاع ثقافي في العالم أجمع، مثل: سمرقند، وبُخارَى، وخوارزم، وترمذ، وغيرها. وعندما فتحها المسلمون العرب في القرن الأوَّل الهجري أطلقوا عليها "بلاد ما وراء النهر"، وهي منطقة شاسعة عظيمة الاتِّساع وغنية بالثروات الطبيعية، تمتدُّ من تركيا غربًا حتى حدود الصين شرقًا.

وكانت بداية الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر (وسط آسيا والقوقاز) في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث ارتبطت الفتوحات بالقائد العربي المسلم الأحنف بن قيس التميمي، ولكن الفتوحات الحقيقية لها كانت في عهد الخليفة الأمويّ الوليد بن عبد الملك، والذي اشتهر في عهده القائد المظفَّر قتيبة بن مسلم الباهلي.

وقد استطاع العباسيُّون تحقيق نجاحات هائلة، حتى إن الثقافة الإسلاميَّة توطَّدت بين أهل تلك البلاد، وقد بدأ أهلها يتعلَّمون اللغة العربيَّة، وحفظ القرآن الكريم. على أن السامانيين (261- 389هـ/ 874- 999م) كان دورهم أكبر في انتشار الإسلام في هذه البلاد؛ إذ كانت عاصمتهم بُخَارى، لذلك كان من الطبيعي أن يكون اهتمامهم بما وراء النهر أعظم. وفي عهد الأتراك السلاجقة في القرن الخامس الهجري زادت الجهود لنشر الإسلام في مناطق أخرى من بلاد تركستان الغربيَّة وما حولها.

وبدأت روسيا القيصريَّة في التكالب على المسلمين في هذه المناطق؛ لمَّا ضَعُفَت الخلافة العثمانيَّة، وخاضت معهم حروب إبادة جماعيَّة، وحملات التنصير الإجباري. وبعد قيام الثورة البلشفيَّة الشيوعيّة عمل الروس على فرض اللغة الروسيَّة كلغة رسميَّة، ومنع الدراسة الدينيَّة وتدريس اللغة العربيَّة منعًا باتًّا، ونشر الأيديولوجيَّة الإلحاديَّة، وزرع الثقافة الشيوعيَّة، وتشتيت المسلمين وتذبيحهم، وخاصةً في كازاخستان وقيرغيزيا.

وبرغم هذه الحملة الشرسة لأجل انسلاخ المسلمين من دينهم، فإن المسلمين ظلوا يتمسكون بدينهم، وما زال الإسلام يتفجَّر بالقوَّة هناك.

ومع انهيار الاتحاد السوفيتي استطاعت أكثر دول وسط آسيا وبلاد القوقاز الانفصال عن روسيا، غير أن الشيشان رغم إعلانها الاستقلال عن روسيا إلا أن الروس لجئوا إلى الخيار العسكري والحصار التام للجمهورية الشيشانية، وما زالت الشيشان تحاول الاستقلال عن روسيا الجائرة.

وأخيرًا وبعد استقلال دول وسط آسيا والقوقاز، نجد أن معظم النُّخَبِ الحاكمة في تلك الدول ما زالوا متأثِّرين بالفكر الشيوعيّ في بعض أنظمتهم، ونجد الاتِّجاه السائد هو عدم الرغبة في قيام أحزاب أو تكتُّلات إسلاميَّة، خاصَّةً في دول وسط آسيا.





التعريف بوسط آسيا وبلاد القوقاز



لآسيا الوسطى وبلاد القوقاز مكانة عظيمة في التاريخ الإسلامي؛ فهي مهد علمٍ وموطن علماء، وما زال يشهد لتلك المكانة أسماء المدن التاريخيَّة العظيمة التي غَدَتْ مراكز علميَّة طبقت شهرتها الآفاق، ومنارات إشعاع ثقافي في العالم أجمع، مثل: سَمَرْقَنْد، وَبُخَارَى، وخُوَارِزم، وتِرْمِذ، وفَارَابَ، وبيرُون، وسِجِسْتَان، وغيرها؛ وهي أسماء تدلُّ على أعلام لهم أيضًا مكانتهم في التاريخ الإسلامي، مثل: البُخَاري، والخُوَارِزمي، والتِّرْمِذي، والفَارَابي، و البيرُوني، وابن سينا، والجُرْجَاني، والسِّجِسْتَاني، وغيرهم من العلماء الأعلام الذين رفعوا لواء الإسلام وبَنَوْا للحضارة الإسلاميَّة عزًّا ومجدًا.




بلاد ما وراء النهر




وقد كانت هذه المنطقة تُعرف في الماضي ببلاد تركستان الكبرى، وعندما فتحها المسلمون العرب في القرن الأوَّل الهجري أطلقوا عليها: "بلاد ما وراء النهر"، ومعناها البلاد الواقعة خلف نهر جيحون (أموردريا)، وسيحون (سيردريا)، وهي منطقة شاسعة عظيمة الاتِّساع، تمتدُّ من تركيا غربًا حتى حدود الصين شرقًا، وقد باتت مقسَّمة إلى تركستان الشرقيَّة وتركستان الغربيَّة، وتخضع منطقة تركستان الشرقيَّة الآن للاحتلال الصيني البغيض، والذي يُمَارِسُ مع سكانها كل أنواع التعذيب والقتل والتنكيل، أما منطقة تركستان الغربيَّة فهي موضوع دراستنا، وتضمُّ دُولاً خمسًا هي: طاجيكستان، وتركمانستان، وقيرغيزستان، وأوزبكستان، وكازاخستان، بالإضافة إلى أذربيجان التي يشملها إقليم القوقاز مع جمهوريات وأقاليم أخرى ذات استقلال ذاتي في جمهوريتي أرمينيا وجورجيا.




آسيا الوسطى والقوقاز.. ثروات طائلة




وتمثِّل آسيا الوسطى مع منطقة القوقاز وَحْدَة جغرافيَّة واحدة، بحُكْم تضاريسها وتاريخها وموقعها، كما أنها تمثِّل أهميَّة إستراتيجيَّة كبرى، وتمتلك مصادر وثروات طبيعيَّة هائلة دَعَتْ إلى أن تتكالب عليها قوًى عديدة؛ فقيرغيزستان - على سبيل المثال - ترقد على مناجم هائلة من الذهب، وطاجيكستان تمتلك مناجم كبيرة من اليورانيوم تم اكتشافها في الثلاثينيات، وفي عام 1946م وفي مدينة تابوشا الطاجيكيَّة تمَّ تشييد أوَّل معمل سوفيتي لاستخلاص اليورانيوم الذي استخدم كمادَّة أوَّليَّة في تصنيع بلوتونيوم القنبلة الذرِّيَّة.

أما في القوقاز فنجد أن جمهوريَّة الشيشان تتصدَّر المناطق الواقعة تحت الحكم الروسي في إنتاج النفط خفيف الكثافة، والذي يُعَدُّ من أجود أنواع النفط في العالم، ويقول الخبراء: "إذا استُغِلَ المخزون النفطيُّ في الشيشان فسيصبح الشعب الشيشاني كشعوب منطقة الخليج من حيث القوَّة الاقتصاديَّة". وقد تمَّ اكتشاف النفط هناك عام 1893م، كما أن العاصمة الشيشانيَّة جروزني ظلَّت مركزًا للصناعات البتروكيماويَّة؛ ففيها تمَّ تكرير ستة ملايين ونصف مليون طن من النفط عام 1996م وَحْدَه.

وتخبئ سلاسل الجبال الممتدَّة على مساحات شاسعة؛ والتي تتمتَّع بقمم شاهقة تخبئ ثروات ضخمة من المعادن؛ كما أن سهولها ووديانها خصبة وغنيَّة بالإنتاج الزراعي الوفير، لكن أيًّا ما كان الحديث عن ثروات آسيا الوسطى والقوقاز، فإن الثروات النفطيَّة المخبوءة تحت سطح بحر قزوين تظلُّ في كفَّة وبقيَّة الثروات في كفَّة أخرى، بل إن الحديث عن ثروات هذا البحر يغطي دائما على أي حديث آخر.





الفتح الإسلامي لآسيا الوسطى والقوقاز




وحسب ما أشارت إليه المصادر التاريخيَّة؛ فإن تركستان كان يقطنها قبائل من الترك، ولذا تعني كلمة تركستان: "بلاد الترك"؛ حيث إنها مكَوَّنة من مقطعين: (ترك) ويعني القبائل التي تقطن المكان، و(ستان) ويعني أرض القوم؛ فهي موطن الأتراك ومنبتهم.




القائد العظيم.. الأحنف بن قيس




وكانت بداية الفتح الإسلامي لبلاد ما وراء النهر (وسط آسيا والقوقاز) في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه (13 - 23هـ)؛ حيث ارتبطت الفتوحات بالقائد العربي المسلم الأحنف بن قيس التميمي، الذي طارد الملك الفارسي "يزدجرد" شرقًا حتى نهر جيحون، الحدِّ الغربي لبلاد ما وراء النهر، وقد عاون خاقانُ الترك يزدجردَ، وكوَّنَا حلفًا لمواجهة المسلمين، وتمكَّنت قوات يزدجردَ من استعادة مدينة بَلْخ عاصمة إقليم خراسان، لكن الأحنف بن قيس لم يتأثَّر بذلك وَقَتَل ثلاثة من فرسان الترك، وأثَّر هذا الأمر فيهم فعادوا أدراجهم.

وفي عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضى الله عنه (23 - 35هـ) دارت معركة بين الأحنف بن قيس من جهة وبين الأتراك الذين كانوا بطخارستان على حدود جيحون من ناحية أخرى، وقد انتهت المعركة بانتصار الأحنف وتوقيعه صلحًا مع أهل طخارستان. وقد أعقب ذلك أن أرسل الأحنفُ قائدَه الأقرعَ بن حابس؛ ليتتبَّع الأتراك المتقهقرين إلى جبال الجوزجان، فأنجز الأقرع مهمته بالانتصار عليهم، وتمَّ له فتح الجوزجان، ويبدو أن هذه الانتصارات السريعة حفَّزت الأحنف فوصل بقوَّاته إلى خُوَارِزم إحدى بلاد ما وراء النهر، ثم عاد إلى بلخ قاعدة خراسان.

وقد توقَّفت الفتوحات الإسلاميَّة مدَّةً انشغل فيها المسلمون بصراعات داخليَّة، ثم استُأْنِفَت الفتوحات مرَّة أخرى في عهد الخلافة الأُمويَّة.




الفتح الإسلامي في عهد الدولة الأموية




ففي عام 54هـ غزا عبد الله بن زياد خراسان، وقطع نهر جيحون إلى بخارى على الإبل، وفي عام 56هـ وَلِيَ خراسان سعيد بن عثمان بن العاص فغزا سمرقند، وفي عهد يزيد بن معاوية تولَّى مسلم بن زياد ابن أبيه إمارة خراسان؛ فتجدد الصراع مع الأتراك واتَّحدت جيوش بخارى والصُّغْد وقوَّات تركيَّة من التركستان، لكن الجيوش الإسلاميَّة حقَّقت انتصارًا كبيرًا على الأتراك، وغنموا الغنائم الكثيرة فاضطرت الخاتون صاحبة بخارى أن تدفع أموالاً كثيرة، لتجنّب المسلمين الظافرين من التوغُّل في أراضيها.

ويبدو أن هذه المحاولات كانت مجرَّد تمهيد للفتح الإسلامي المنظَّم لهذه البلاد؛ إذ إن الفتوحات الحقيقيَّة لها كانت في عهد الوليد بن عبد الملك (86 – 96هـ)، والذي اشتهر في عهده القائد المظفَّر قتيبةُ بن مسلم الباهلي، وقد تولَّى أمر خراسان في عام 88هـ، وكان قد عَبَر نهر جيحون في المرحلة الأولى من جهاده (83 - 84هـ)، واستعاد منطقة طخارستان، ثم استعاد بخارى في المرحلة الثانية من جهاده ( 87 - 89هـ)، وفي المرحلة الثالثة من جهاده (90 - 93هـ) استطاع أن يرفع راية الإسلام في حوض نهر جيحون، وقد توجَّهت فتوحاته في المرحلة الرابعة من جهاده (94 - 96هـ) إلى ولايات سيحون، ثم دانت له ولايات أوزباكستان وطاجيكستان، وغيرهما من مناطق وسط آسيا، ونجح في نشر الدعوة الإسلاميَّة، وثبَّت دعائم الإسلام هناك، وبنى أوَّل مسجد في بخارى عام 94هـ، وواصل مسيرته حتى فتح مدينة كَاشْغَر، وقارَب حدود الصين.

وقد انتهت حياة المجاهد الكبير قتيبة بن مسلم نهاية حزينة؛ حيث قُتِلَ على يَدِ أحد جنوده بعد سلسلة من الفتوحات المهمَّة، ثم تولَّى القيادة مِن بَعْده أخوه صالح بن مسلم، والذي أكمل فتح باقي منطقة فَرْغَانَة.

وبعد وفاة الوليد بن عبد الملك عام 96هـ، وتولية سليمان بن عبد الملك الخلافة تقلَّصت عمليَّات الفتح الإسلامي، بل وقامت مجموعة من الثورات ضدَّ الدولة الإسلاميَّة في هذه المناطق، تمثَّلت في طموحات الأمراء الأتراك الذين أبقاهم الأُمويُّون يحكمون بلادهم تحت السيادة الإسلاميَّة، ومن أمثلة ذلك ثورة أمير فَرْغَانَة - بعد وفاة قتيبة بن مسلم – ومحاولته استعادة نفوذه القديم، وأيضًا ثورات بُخَارَى وسَمَرْقَنْد، لكنَّ الخلافة الأمويَّة لم تتهاون في مواجهة تلك الثورات وقمعها، فأذعن كثير من أمراء هذه البلاد للخلافة الأمويَّة، وبدأ كثير منهم يدخلون في دين الله، خاصَّة في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، وبعده بدءوا يتألَّفون مع المسلمين العرب، بل بدءوا يُدافعون عن الإسلام بحماس ضدَّ الأتراك الشرقيين، الذين توالت إغارتهم على بلاد ما وراء النهر، وأخذوا يشكِّلون خطرًا على الخلافة الأمويَّة التي تصدَّت لذلك الخطر بجرأة، وقام الولاة الأمويُّون مثل الجراح بن عبد الله الحَكَمِيِّ، وعبد الله بن معمر الْيَشْكُرِيِّ، الذي تابع الغزو في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد.





أخلاق الفاتح المسلم تنشر الإسلام




وظلَّت الخلافة الأمويَّة والأتراك الشرقيون في صراع يتبادلون النصر والهزيمة، حتى تغلَّبت كفَّة الخلافة الأمويَّة على يَدِ أسد بن عبد الله القَسْرِيِّ ( 117-131 هـ)، ونصر بن سيار (121 – 129هـ) والذي ينبغي الإشارة إليه هنا هو أن تَعامُل الفاتحين المسلمين مع أهل هذه البلاد كان السبب الرئيسي في دخولهم الإسلام عن قناعة تامَّة، وليس أدلُّ على ذلك من ترحيب أهل بلخ بالقائد المظفَّر قتيبة بن مسلم الباهلي، وأيضًا دخول عدد كبير من أهل بخارى في الإسلام عن إيمان وعقيدة بعد أن انتصر على ملكتهم (خاتون)، وكان قد أشار إليها بعد أن عقد معها الصلح بأن المسلمين لم يأتوا لاحتلال "بُخَارَى"، وإنما أَتَوْا لنشر شريعة الإسلام، وتبليغ دين الله تعالى.





الخلافة العباسية والمواجهة مع الصينيين





وبعد سقوط الخلافة الأمويَّة وقيام الخلافة العباسيَّة عام 132هـ، واجه العباسيُّون خطرًا جديدًا، هو الخطر الصيني؛ فقد رتَّب الصينيُّون للسيطرة لا على الأتراك الشرقيين فحسب، وإنما على بلاد ما وراء النهر ذاتها.

والتقى الجيشان العباسيُّ والصينيُّ في معركة طالاس عام (134هـ = 752م)، انتصر فيها العباسيُّون، وكان هذا الانتصار من أعظم الانتصارات في وسط آسيا.

وكان أثر الهزيمة على الصينيِّين شديدًا، إلى درجة أنهم تقاعسوا عن نصرة أمير أُشْرُوسَنَة عندما استغاث بهم ضدَّ المسلمين، وكان هذا يعني أن العباسيين قد نجحوا في إبعاد الصيين عن المعركة، وبات على الأتراك الشرقيِّين أن يواجهوا المسلمين معتمدين على أنفسهم، وهو ما كان فوق طاقتهم؛ لأن العباسيين أَوْلَوا المنطقة عناية كبيرة، وواصلوا جهودهم إلى أن زال خطر الأتراك الشرقيين، فثبَّتَت الخلافة العباسيَّة سطوتها على هذه المناطق، وبدأ كثير من الأتراك في الدخول في دين الله أفواجًا.





الأتراك جند الجهاد





وكما نهج الأُمويون فقد استخدم العباسيُّون الأتراكَ في الإدارة، بل في الجيش نفسه، وهو ما شجَّع الأتراك على اعتناق الإسلام، وكان من ذلك أن أنشأ الفَضْل بن يحيى البرمكي فرقة كبيرة من الأتراك الغربيين بلغ عددها خمسين ألف مقاتل، أرسل إلى بغداد وحدها عشرين ألف مقاتل، أسماهم بالفرقة الخُوَارِزْمِيَّة، وذلك في عهد هارون الرشيد (170-193هـ)، وقد استنَّ الخليفة المأمون (198-218هـ) سُنَّةً جديدة، حيث دعا كثيرًا من زعماء الأتراك إلى الدخول في خدمته في بغداد، ومَنَحَهُم الصلات والعطايا، وألحق كثيرًا من فرسانهم في الحرس الخليفي.

وفي عهد الخليفة المعتصم ( 218-227هـ) زاد الإسلام تمكُّنًا في بلاد ما وراء النهر، حتى إن الأتراك الغربيين أنفسهم أصبحوا جند الجهاد في سبيل الله، والدفاع عن الإسلام ونَشْرِه بين الأتراك الشرقيين؛ يقول البَلاذُري: "والمعتصم بالله جُلُّ شهود عسكره من جند أهل ما وراء النهر، من الصُّغْد والفراغنة وأهل الشاش وغيرهم، وحضر ملوكهم ببابه، وغلب الإسلام على ما هناك، وصار أهل تلك البلاد يغزون مَن وراءَهم مِن الترك، ففتح مواضع لم يَصِلْ إليها أحد من قبله".

وهكذا استطاع العباسيُّون تحقيق نجاحات هائلة، حتى إن الثقافة الإسلاميَّة توطَّدت بين أهل تلك البلاد، وقد بدء أهلها يتعلَّمون اللغة العربيَّة، وحفظ القرآن الكريم، وإن كانت المراكز الثقافيَّة لم تبرُز في هذه البلاد، وخاصَّة في بخارى وسمرقند، إلا في عهد الطاهريين (205 – 259هـ = 820 – 873م)، الذين اتَّخذوا نيسابور في خراسان قاعدة لهم، وكان لظهورهم دفعة قويَّة للإسلام في بلاد ما وراء النهر.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دعوته ( الملوك إلى الإسلام
» دعوته ( الملوك إلى الإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
هدوء القمر :: التاريخ الاسـلامي-
انتقل الى: